سؤال
لماذا تصرون على أن الموت كان بالصليب؟!
الإجابة
ليس هو إصرار بل هو حقيقة بدليل أن الصليب Holy Cross عَلَم جميع المسيحيين في كل أرجاء العالم
وقد كان الموت بالصليب بالذات لأسباب:
أولها
أن ميتة الصليب تحاصر كل كيان الجسد من الرأس من فوق إلى
أخمص القدمين من تحت، ومن أقصى طرف الذراع اليمنى إلى أقصى طرف الذراع
اليسرى، مما يعني صلب جسد الخطية بكليته ليستوفي قصاصه.
ثانياً
لأن الذي يموت على الصليب يكون مرفوعاً عليه، وعلى مرأى من كل عين، حيث
يكون الصليب عادى في مكان مرتفع، وبذلك يكون موته ظاهراً حتى يصير خلاصاً
مُعلناً لكل البشر.
ثالثاً
لإمكان الربط بين الأحداث العظيمة العتيدة أن تحدث وبين شخص
المسيح المعلق على الصليب والظاهر أما الجميع وذلك لإظهار مجد لاهوته.
وهذا قد تم فعلاً؛ إذ عندما أظلمت الشمس وتزلزلت الأرض والصخور تشققت،
انفتحت بصيرة اللص اليمين على حقيقة المصلوب وناداه قائلاً: "اذكرني يا رب
متى جئت في ملكوتك". كذلك قائد المائة الوثني الذي طعنه بالحربة قال: "حقاً
هذا كان ابن الله".
رابعاً
لإظهار كمال صفاته الإلهية، لأنه بالصليب برهَن على محبته
اللامتناهية حيث قدَّم أقصى ما يمكن تقديمه من بذل الذات، كما ظهر اتضاعه
بقبوله موت الصليب الذي كان أشنع ميتة إذ كان وسيلة قتل المجرمين، وكذلك
رحمته الواسعة في مغفرة الخطية بغفرانه للص الذي أعلن إيمانه به
وأيضاً قداسته الكاملة بصفحه ومسامحته للذين جدَّفوا عليه، وتوكيده لكمال
ذاته الإلهية بتوافق مشيئته بالتمام مع مشيئة الآب في قبوله الصليب،
وإعلانه أنه الحق وهو على الصليب بترجمة كل تعاليمه من مسكنة الروح
والوداعة والرحمة والنقاوة وصنع السلام واحتمال الآلام وقبول التعيير إلى
سلوك واقعٍ حيٍ. وإذ أعلن أنه الحق صار نوراً هادياً ومرشداً للعالم
بأقواله وأعماله معاً.
وإن كانت هذه كلها هي ثمار الصليب، فليست هناك أسباب أمجد من هذه ليكون الصليب وسيلة الخلاص.
لقد كان الموت بالصليب يُعتبر عاراً، فاختار الرب أشنع الميتات وأكثرها
عاراً في ذلك الزمان. ولذلك في (رسالة العبرانيين 12: 2)، يقول الرسول عن
الرب إنه "أحتمل الصليب مستهيناً بالخزي".. إذن في الصليب خزي. ولهذا يقول
"فلنخرج إليه إذن خارج المحلة حاملين عاره"، لأن الصليب كان معتبراً عاراً.
وفي العهد القديم، كان الصليب يُعتبر لعنة، إذ قيل "ملعون كل من عُلق على
خشبة". والسيد المسيح أراد بالصليب أن يحمل كل اللعنات التي وقعت على
البشرية، وأشار إليها الناموس (سفر التثنية 28). لكي يمنحنا بركة، ولا تكون
هناك لعنة فيما بعد.
وكان الصليب يعتبر عثرة بالنسبة لليهود (رساله كورنثوس الأولي 1: 18). فاختار المسيح هذا العار، وحول الصليب إلى قوة ..
وكان الصليب أيضاً من أكثر أنواع الموت إيلاماً، إذ تتمزق في أنسجة الجسد
بطريقة مؤلمة جداً، كما يجف الماء الموجود في الجسد لكثرة النزيف والإرهاق
الجسدي. والمسيح بهذا حمل الآلام التي كانت تستحقها البشرية.
والصليب كان ميتة يرتفع فيها من يموت على الأرض، وهكذا قال المسيح "وأنا إن
ارتفعت اجذب إليَّ الجميع". وهكذا كما ارتفع على الصليب، ارتفع إلى المجد
في صعوده، ورفعنا عن مستوى الأرض والتراب بصلبنا معه.. وكان في موته باسطاً
ذراعيه لكل البشرية، إشارة لقبلوه الكل.